علي بن يحيى الحدادي :
الحمدلله حمدا طيبا كثيرا أما بعد .. جعل الله الإمام في الصلاة ليأتم به المأموم ومقتضى ذلك أن تكون أعمال المأموم تابعة لأعمال إمامه لا يسبقه ولا يقارنه وإنما يعمل العمل بعد إمامه فلا يكبر حتى يكبر الإمام، ولا يركع حتى يركع الإمام، ولا يرفع حتى يرفع الإمام، ولا يسجد حتى يسجد الإمام، ولا يرفع رأسه من السجود حتى يرفع الإمام.
وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم (إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد وإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون ». رواه أبو داود.
وقد وعى الصحابة رضوان الله عليهم هذا الهدي النبوي فطبقوه أحسن تطبيق وأتمه فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه مسلم فإذا قال "سمع الله لمن حمده" لم يحن أحد منا ظهره حتى يضع النبي صلى الله عليه و سلم جبهته على الأرض . متفق عليه.
وعن عمرو بن حريث قال: (صليت خلف النبي صلى الله عليه و سلم الفجر فسمعته يقرأ { فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس } وكان لا يحني رجل منا ظهره حتى يستتم ساجدا) رواه مسلم
إن الذي نراه اليوم في كثير من مساجدنا هو إما مقارنة الإمام أو مسابقته في الانحناء للركوع أو النزول للسجود أو في الرفع منه. ولا شك أنها ظاهرة تحتاج إلى العلاج بالنصح والتعليم والتوجيه المرة بعد المرة.
إن المأموم لو تأمل لأدرك بداهة أنه لن يخرج من الصلاة قبل إمامه فلماذا يسابق الإمام ؟؟
لا لشيء إلا لأن الشيطان يزين له هذه المسابقة لينقصه من أجر صلاته، قال أبو هريرة : (الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإمام فإنما ناصيته بيد شيطان) أخرجه مالك في الموطأ.
كما أن عمله هذا يعرضه للوعيد الوارد فيمن سابق إمامه فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ( أما يخشى أحدكم أو ألا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار ) متفق عليه.
أسأل الله أن يرزقنا الفقه في دينه والنصح لعباده واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والله أعلم .