|
|
عظمة الرسول عليه الصلاة والسلام (6)
صفحة 1 من اصل 1
عظمة الرسول عليه الصلاة والسلام (6)
لقد بدت آثار عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم في أصحابه الذين عايشوه واتبعوه، لقد استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم في فترة وجيزة من الزمان أن يُربي جيلا يقود العالم، فتغيرت أحوالهم وأساليب حياتهم، لقد انتقلت حياتهم من الظلم والبغي والاعتداء والاستعلاء في الأرض إلى العدل والإصلاح، والرحمة، وأصبحوا قادة وسادة، ينشرون العدل والخير والأمن بين الشعوب والقبائل في شتى بقاع الأرض، فملؤها عدلا بعدما انتشر الظلم والفساد، وفتحوا الأمصار، ودخلت أمم وشعوب في الإسلام، لما رأوا عظمة الإسلام، ولما شاهدوه من أخلاق الصحابة الفاتحين رضوان الله عليهم أجمعين، فسادوا العالم وقادوا الدنيا، ودانت لهم امبراطورية فارس والروم، وكيف لا؟ فقد مدحهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأثنى عليهم في مواقف كثيرة فقال: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)، وقال: (لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أُحد ذهبا، ما بلغ مُد أحدهم ولا نصيفه). فمن عظمته صلى الله عليه وسلم أنه نجح في حياته في شتى المجالات، واستمر أثر نجاحه بعد انتقاله من الدار الدنيا إلى الرفيق الأعلى، لقد حمل أصحابه رسالة الإسلام، وبلغوها من استطاعوا من أمم الأرض، وتحملوا في ذلك الصعاب، وضحوا بالنفس والنفيس، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صنع جيلا من الأبطال وإن شئت قلت أجيالا أو أمة، إنها مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم الدائمة على مر الزمان واختلاف المكان إنها المدرسة التي تهدي الحيارى في ظُلمة المفاسد والشهوات، وهي التي خرّجت الأبطال والدعاة والمصلحين، الذين جابوا الأرض شرقًا وغربًا لنشر نور الإسلام في أنحاء الأرض وتبليغ الإسلام إلى الناس جميعا، ولقد أثنى الله عليهم في قرآنه وسجل رضوانه عليهم. يقول تعالى: (رضي الله عنهم ورضوا عنه). البينة:8، وقال تعالى: (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة). التوبة:177، ويقول تعالى: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يُبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا). الفتح:18. إن أعظم موقف يدل على عظمة الرجال الذين تربوا في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم هو إخلاصهم لدينهم، إخلاصا عظيما حتى ملكت عقيدتهم ودينهم شغاف قلوبهم، فكانت هدفهم وغايتهم، وقدموا في سبيل ذلك النفس والنفيس، لقد أحبوا الله ورسوله أكثر من حبهم لأنفسهم، فقدموا طاعة الله ورسوله على طاعتهم أنفسهم، فتذوقوا طعم الإيمان، كما أخرج البخاري في صحيحه (عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ، أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ). وحققوا قول الرسول. فيما رواه البخاري بسنده (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) ومع ذلك فإن عظمة موقفهم يوم علموا بموت الرسول صلى الله عليه وسلم، يتجلى ذلك عندما قام أبو بكر رضي الله عنه مستجمعا قوته وثباته لما رأى حال القوم بين مُصدّق للخبر، وبين مُكذّب له وبين مندهش تغلب عليه الحيرة، فدخل على رسول الله بعدما سمع بوفاته، وخرج على المسلمين وقال: أيها الناس، من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت: وقرأ قوله تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أو قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُم). آل عمران:144. لقد حمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانة تبليغ الرسالة بكل قوة وإخلاص من دون تحريف أو تبديل، ومن دون ضجر أو ملل، وفيهم يقول تعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا). الأحزاب:23. ولذلك ليس غريبا أن يضعه مايكل هارت في كتابه العظماء مائة في مقدمتهم فقال مايكل عن سبب اختياره لمحمد صلى الله عليه وسلم وكونه الأعظم فقال: (إن اختياري لمحمد ليقود قائمة أكثر أشخاص العالم تأثيرًا في البشرية قد يدهش بعض القراء وقد يعترض عليه البعض. ولكنه كان (أي محمد) الرجل الوحيد في التاريخ الذي حقق نجاحًا بارزًا في كل من المستوى الديني والدنيوي). وكما يقولون: والفضل ما شهدت به الأعداء. وقال عنه أحد المفكرين الغربيين إنه لو أُعطي لمحمد زمام الأمور في هذا العالم المليء بالملابسات والمشكلات لقاد البشرية إلى بر الأمان. إنه الرجل الذي شهد له الأعداء والأحباب على حد سواء، وهذا من عظمته صلى الله عليه وسلم وصدق الله العظيم إذ يقول تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). الأحزاب: 21. ويمكننا الآن أن نستنتج لماذا قال الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ). الشرح:4، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يذكره أهل كل زمان ومكان بعظيم صفاته، وكريم أخلاقه، فأنطق الله أعداءه بفضله وشرفه، فجعلوه أعظم العظماء من البشر مع اختلافهم معه في العقيدة. كما كان يفعله المشركون في أول بعثته صلى الله عليه وسلم فكانوا يُلقبونه بالصادق الأمين، ويرضون حُكمه ومع ذلك لا يؤمنون به ولا يُصدقونه، وصدق الله العظيم إذ يقول: (فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات يجحدون). الأنعام: 33.
التوقيع
jassim- المدير العام
- عضو مفضلجائز التسجيل في المنتدى
- الدولة : مملكة البحرين
المشاركات+ : 18886
نقاط الخبرة+ : 15118
تاريخ الميلاد : 03/07/1996
تاريخ التسجيل : 17/03/2017
العمر : 28
مواضيع مماثلة
» قصه طفولة الرسول عليه الصلاة والسلام
» هكذا كان محمد عليه الصلاة والسلام
» وجوب الاحتفال بالنبي عليه الصلاة والسلام
» {من حكم الرسول صلى الله عليه وسلم }}
» ما هو حب الرسول صلى الله عليه وسلم؟
» هكذا كان محمد عليه الصلاة والسلام
» وجوب الاحتفال بالنبي عليه الصلاة والسلام
» {من حكم الرسول صلى الله عليه وسلم }}
» ما هو حب الرسول صلى الله عليه وسلم؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى